الخميس، 28 نوفمبر 2019

البحث عن الديمقراطية في الثورات

مقال عن الديمقراطية في الثورات

الديمقراطية لا يمكن أن تكون المفتاح السحري لأي شعب للوصول إلى السعادة...
فالشعوب التي تعاني الجهل والتخلف والعنصرية واحتقار المختلف والآخر لا يمكن أن تجد النعيم في الديمقراطية....
بل ستكون الديمقراطية مجرد انقلاب على نظام ملكي أو امبراطوري أو أوليغارشية لينتهي بنظام يرفع شعارات ديمقراطية لكنه يمارس أسوأ أنواع الاضطهاد ضد شعبه ومعارضيه كما رأينا في نتائج ثورات القرن العشرين وما قبلها ابتداءاً من الثورة الفرنسية التي أنتجت روبيسبيير وختمتها بنابوليون مروراً بالثورة الروسية التي محقت القيصر لتعطي لينين وستالين ....كذلك لا ننسى الثورة الكوبية التي أطاحت بالفاسد العميل الأمريكي باتيستا كما يوصف من قبل أعدائه لتنصّب المرحوم كاسترو زعيماً أوحداً مؤلهاً لزهاء نصف قرن.....ولا ننسى الثورة النازية كفكر حرض الشعب الألماني لاعتناق عقيدة التفوق الآري بعد فشل محاولته الانقلابية الأولى للوصول إلى الحكم عام 1923 لينجح في وصوله للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع عام 1933 ليكون أول عمل يفعله هتلر هو إلغاء الديمقراطية والبدء بتأسيس معسكرات الاعتقال للمعارضين الشيوعيين والديمقراطيين الاشتراكيين واليهود والسلاف....وثورة ماوتسي تونغ "الثقافية" كذلك الثورة الإسلامية في إيران 1979 التي انتهت إلى حكم الملالي والعمائم....
ولا ننسى الثورات العسكرية العربية ابتداءاً من ثورة يوليو 1952 لتعطي حكم عبد الناصر الذي بطش بجميع الأحزاب في زمنه وحظرها.... ثم ثورة تموز 58 في العراق لتنتهي بحزب البعث وديمقراطيته وغيرها من ثورات الموز والفاتح والغامق والياسميني والربيعي والخريفي والبرتقالي والكستنائي ......
أقول أن جميع هذه الثورات أو الانقلابات جاءت تعِد شعوبها بالورود والحرية من نير الطغاة...لتصنع طغاةً جعلت من سابقيهم أشبه بالحملان الوديعة.....
فأين نيكولاي الثاني من ستالين وأين فيصل الثاني من عبد الكريم قاسم وحزب البعث !!!
الديمقراطية لم تنجح في هذه التجارب بل فشلت فشلاً ذريعاً لأنه تم التعامل معها وكأنها فانوس علاء الدين السحري الذي سيحرر الشعوب المحرومة لتنعم بالرخاء والغنى.....
أقول أن الديمقراطية ثمرة وليست وسيلة لتحرير شعوبها....
فالشعوب المتخلفة وإن أسقطت زعيمها ستبقى متخلفة تتبع غرائزها في الانتقام غالباً والتنكيل فتفرز ديمقراطيتها قادةً أسوأ بمليار المرات عمّن انقلبوا عليهم...
الشعوب المتخلفة لا تفلح معها الديمقراطية....فهذا أشبه أن تعطي شلة من السكارى المدمنين مصنعاً من الأدوية فيتحول على يديهم مصنعاً للسموم أو المخدرات....
الديمقراطية تأتي عندما ترتقي الشعوب وتثقف نفسها وتؤمن بحقوق الإنسان وتستنكر بالفم المليان جرائم التطهير العرقي ضد دين أو طائفة أو مذهب أو جنس ويتوقف مسوخ المثقفين عن استخدام كلمة "لكن" لتبرير كل جريمة يقوم بها متعصب سواء كان مسلماً أم غير مسلم.....
فالجريمة جريمة سواء قام بها ابن عمي صعصعة أو قام بها كوهين......
الخلاصة:
التخلف والعنصرية لا يعطيان ديمقراطية....
فاقد الشيء لا يعطيه....
فإذا كنتَ تؤمن أن المخالف لك محتقَر يستحق القتل والتنكيل فأي ديمقراطية هذه التي تطالب بها !!!! فعندها لن يخرج ليحكمك إلا طاغية على شاكلتك لتظل تتباكى وتنعى كبت الحريات وأنت لا تؤمن بها....ولو وصلتَ للسلطة لأتخمت ملف حقوق الإنسان بالتجاوزات.....
ملاحظة:
يخرج من موضوع المقال الثورات كحركات مقاومة ضد المحتل فتلك لها رؤية مختلفة....كالثورة الجزائرية أو ثورة العشرين أو ثورة عمر المختار فجميعها حركات مقاومة مشروعة ضد المحتل.....بينما نحن نتكلم عن الثورات الداخلية ضد حكومة أو نظام حكم يحركها غالباً الجياع والمضطهَدين....
ملاحظة أُخرى:
جميع الشخصيات الواردة في الصور على سبيل المثال لا الحصر وعدت شعوبها بالحرية والسعادة والرخاء ورفع ظلم الطغاة وبعد وصولها للسلطة لم تكن لتسمح لأي صوت آخر غير صوتها بالتكلام وإملاء القرارات....فقد استحوذت على السلطات كاملة.... فكانت دكتاتورية بامتياز.....
وأعتذر عن الاطالة
لا يعجبكم المقال ؟
الحظر لكم جميعاً...
هكذا هي الديمقراطية....

ودمتم ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق